قلت: {ولم يَعْيَ} حال من فاعل خلق، يُقال: عَي، كرضَى، وَعِيَ بالإدغام، وهو أكثر. قاله في الصحاح. وفي القاموس: عَيَّ بالأمر وعَيِيَ كرَضِيَى، وتَعايا واسْتَعيا وتَعَيَّا: لم يهتدِ لوجه مُراده، أو عَجَزَ عنه ولم يُطِقْ إحْكَامه. اهـ. و{بقادر} خبر أن، ودخلت الباء لاشتمال النفي الذي في صدر الآية على أنّ وما في حيّزها، قال الزجاج: لو قلت: ما ظنت أنَّ زيداً بقائم، جاز.يقول الحق جلّ جلاله: {أَوَ لَمْ يَرَوا} أي: ألم يتكّفروا ولم يعلموا علماً جازماً {أنَّ الله الذي خلق السماوات والأرض} ابتداء من غير مثال يحتويه، ولا قانون يحتذيه، {و} الحال أنه {لم يَعْيَ بخلقهن} أي: لم يتعب ولم ينصب بذلك أصلاً، ولم يعجز عنه، أليس مَن فعل ذلك {بقادرٍ على أن يحيي الموتى بلى} جواب النفي، أي: بلى هو قادر على ذلك، {إِنه على كل شيء قديرٌ} تقرير للقدرة على وجه عام، ليكون كالبرهان على المقصود.ثم ذكر عقاب مَن أنكر البعث المبرهن عليه، فقال: {و} اذكر {يوم يُعرض الذين كفروا على النار} فيقال لهم: {أليس هذا بالحق} فالإشارة إلى ما يُشاهدونه من فظيع العذاب، وفيه تهكُّم بهم، وتوبيخ لهم، على استهزائهم بوعد الله تعالى ووعيده، ونفيه بقوله: {وما نحن بمعذبين}، {قالوا} في جواب الملائكة: {بلى وربَّنا} إنه لحق، أكدوا جوابهم بالقسم كأنهم يطمعون في الخلاص بالاعتراف بحقيقتهما كما في الدنيا، وأنَّى لهم ذلك؟ {قال} تعالى لهم: {فذُوقوا العذابَ بما كنتم تكفرون} بها في الدنيا، ومعنى الأمر: الإهانة بهم والتوبيخ لهم، نعوذ بالله من موارد الهوان.الإشارة: تربية اليقين تطلب في أمرين، حتى يكونا كرأي العين: وجود الحق أو شهوده، وإيتان الساعة وقربها، حتى تكون نُصب العين، وتقدّم حديث حارثة شاهداً على إيمانه، حيث قال: «وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون...» الحديث.